ينال ابراهيموفيتش قسطا وافرا من اهتمام الاعلاميين والنقاد في ايطاليا، وقد توج تالقه في الموسمين الماضيين بنيله جائزة "اوسكار" الكرة الايطالية متفوقا على النجم اليساندرو دل بييرو، كما انه حاز على جائزة افضل لاعب سويدي في العامين الاخيرين
ويبقى ابراهيموفتش الرقم الاصعب في منتخب بلاده حاليا، "زلاتان" ليس مجرد مهاجم يتمتع بقدرات تهديفية نادرة، انه هداف يرى اللعبة بمنظور مختلف يعتمد على الاستمتاع قدر الامكان في اداء الواجبات، لا يميل للعب الكلاسيكي ابدا، ولا يحب تسجيل الاهداف بطريقة سهلة، انه لاعب المتعة.. وما يفعله بالكرة يصعب على الاخرين فعله.
انه ابرز لاعب سويدي في الاعوام الثلاث الاخيرة، ويعتبر امتدادا لسلسة نجوم الكرة السويدية في السنوات العشرين الماضية مثل توماس برولين وكينيت اندرسون وهنريك لارسون وفريدي ليونبيرغ، لكنه اذا استمر في السير على نفس الطريق، فقد يصبح اشهر لاعب انجبته كرة القدم في بلاده، خاصة وان مهاراته الفردية اصبحت حديث كل من له علاقة في الكرة الاوروبية.
ولد "زلاتان" الذي يعني اسمه بالعربية "سلطان" عام 1981 في مدينة مالمو، وهو ينتمي لعائلة بوسنية هاجرت الى السويد بجانب الاف العائلات هربا من نظام الحكم الشيوعي في يوغسلافيا السابقة، وقامت هذه الاقلية البوسنية بتاسيس نادي كرة قدم في السويد اسمه "بالكان" كي يمارسوا نشاطاتهم الرياضية فيه، واشترت عائلة "زلاتان" اول حذاء كرة قدم لولدها الصغير وهو في سن الخامسة، وذكرت والدته انه بالكاد كان يجلس في المنزل منذ ذلك الحين واضافت: "من المستحيل ان اتذكر عدد المرات التي اشتكى فيها الجيران من وصول كرة زلاتان الى حديقتهم!"
وكان ابراهيموفيتش يمارس في طفولته لعبة التايكواندو لكن عشقه اللامحدود لكرة القدم ابعده عن اي شيء اخر، وفي سن العاشرة سجل ثمانية اهداف في 45 مباراة دقيقة خلال مباراة للاشبال.
وانضم لفريق مالمو عام 1995 بعد بداية ناجحة كلاعب ناشئ في نادي بالكان، ولفت الانظار بمهاراته الفريدة التي بشرت بولادة نجم جديد في الكرة السويدية، لكنه كان يشكي كثيرا من كثرة طلبات المدرب مايكل اندرسون الذي كان شديد القسوة على لاعبه المشاغب، وفي احدى المرات صاح زلاتان في وجه اندرسون امام الجميع وقال: "هل تظن انك امي ؟".
واظهر المهاجم السويدي قدراته مع فريق مالمو واصبح احد نجوم الفريق رغم سنه الصغير "18 عاما"، وسجل 12 هدفا ساعدت في صعود الفريق الى دوري الدرجة الاولى السويدي عام 2000. حاول فريق ارسنال ضم "زلاتان" عام 2000، لكنه وبعد ان نال اعجاب المدرب العجوز ليو بينهاكر في معسكر تدريبي اقيم على الاراضي الاسبانية، فضل الانتقال الى اياكس امستردام الهولندي مقابل 7.8 مليون يورو ليصبح رابع سويدي ينضم لتاريخ النادي العريق بعد اينج دينيلسون (1968-1969) وبيتر لارسون (1987-1991) وستيفان بيترسون (1988-1994)، وارتدى ابراهيموفيتش القميص رقم 9 وهو الرقم الخاص بنجوم كبار في تاريخ هذا النادي مثل ماركو فان باستن وباتريك كلايفرت والنيجيري نوانكو كانو.
ويذكر المهاجم البارع انه لم يكن مرتاحا ايام تولي المدرب الشهير كو ادريانزي الاشراف على تدريب اياكس ويقول: "اتذكر عندما جئت الى اياكس.. لقد كنت كالنمر الجائع مستعدا لمواجهة العالم باسره، لكن ادريانزي اعطاني شعورا بانني لاعب يصلح للاستخدام في الدقائق العشر الاخيرة فقط".
وفي الوقت ذاته انتقد اللاعب الشاب كثيرا بسبب تصرفاته العشوائية في الملعب، وقد طرد في احدى المرات وحرم من اللعب خمس مباريات بعد ضربه لاعب الفريق المنافس بالكوع على وجهه، وتاخر السويدي كثيرا في اظهار مهاراته التهديفية، وجلس كثيرا على مقاعد الاحتياط بديلا للمصري "ميدو" واليوناني نيكوس ماكلاس لكن سرعان ما صقلت موهبته واصبح واحدا من المهاجمين الرئيسيين في الفريق، وقاد الفريق للفوز بالدوري والكاس الهولنديين عام 2002، كما سجل اربعة اهداف في مسابقة دوري ابطال اوروبا وعشرة في الدوري الهولندي خلال موسم 2002/2003، وشكل ثنائيا خطيرا مع الفنلندي ياري ليتمانن ليصبح محط انظار كشافي الاندية الاوروبية الكبيرة والخيار الاول لمدربه المعروف رونالد كومان، وفي الموسم التالي قاد زلاتان فريقه للفوز بلقب الدوري الهولندي بعد منافسة شديدة من ايندهوفن حيث احرز 13 هدفا في 22 مباراة فقط.
في بداية موسم 2004/2005 ومع رحيل العديد من اللاعبين في اياكس الى اندية اخرى وجد "زلاتان" نفسه نجم الفريق الاول، وكان اللاعب السويدي قد قرر وضع اسم "ابراهيموفيتش" بدلا من "زلاتان" على ظهر قميصه اكراما لوالده، وسجل هدفا خرافيا امام بريدا عندما تخطى خمسة مدافعين في سبع مراوغات ضمن مسافة لم تتعدى العشرة امتار قبل ان يخدع الحارس ايضا ويضع الكرة بثقة في الشباك، وهو هدف ادهش النقاد والمتابعين الذين وقفوا مذهولين امام سحر هذا اللاعب طويل القامة، لكن زلاتان لم يمكث طويلا مع الفريق الهولندي حيث اختار الانتقال الى يوفنتوس الايطالي مقابل 19 مليون يورو، فكان نجم الفريق في ذلك الموسم مسجلا له 16 هدفا ساهمت بشكل كبير في احراز فريق "السيدة العجوز" للقب الدوري الايطالي رغم ان الحمل كان ثقيلا عليه في البداية بسبب الاصابات المتلاحقة للفرنسي دافيد تريزيغيه والايطالي المخضرم اليساندور دل بييرو، وفي حفل توزيع جوائز "اوسكار" الكرة الايطالية نال ابراهيموفيتش جائزتي افضل لاعب اجنبي واللاعب الاكثر شعبية من قبل زملائه ومنافسيه في الدوري، وكان حارس مرمى يوفنتوس جانلويجي بوفون قد رشح زميله السويدي للظفر بجائزة افضل لاعب في اوروبا التي ذهبت في الاخير الى البرازيلي رونالدينيو وقال: "لو طلب مني اختيار افضل لاعب في القارة فساختار زلاتان ابراهيموفيتش لانه قدم مستوى متميزا الموسم الماضي وتكيف مع الاجواء الجديدة في الدوري الايطالي بصورة مدهشة.
لم يكن موسم 2005/2006 جيدا بالنسبة له على صعيد الدوري رغم احتفاظ فريقه باللقب، حيث تعرض للعديد من الانتقادات بسبب قلة اهدافه واضاعته للفرص السهلة وارغمه المدرب فابيو كابيللو على خوض حصص تدريبية اضافية لتحسين تسديداته على المرمى، مكما ان الفريق فقد لقب الدوري لتورطه في فضيحة التلاعب بالنتائج وهبط الى الدرجة الثانية، فما كان من ابراموفيتش الا الانتقال الى انتر ميلان الذي فاز معه اللاعب السويدي بالدوري مرتين متتاليتين.
وشارك زلاتان للمرة الاولى مع منتخب بلاده في مباراة دولية امام لوكسمبورغ عام 2001 ولعب عدة من لقاءات ودية مع الفريق قبل بدء مباريات كاس العالم 2002 في كوريا الجنوبية واليابان، وفي النهائيات بدا المهاجم الشاب اساسيا امام انجلترا ونيجيريا لكن دون ان يلامس الشباك، فشارك احتياطيا امام الارجنتين وكذلك في الدور الثاني امام السنغال التي انهت مشوار السويد.
وفي تصفيات كاس اوروبا 2004، سجل زلاتان هدفا حاسما في مرمى هنغاريا اسهم بشكل كبير في تاهل بلاده للنهائيات التي شهدت ولادة النجم السويدي على المستوى الدولي، لكنه تصرف كالولد الصغير في احدى مباريات التصفيات امام سان مارينو، فقد احتسبت ركلة جزاء لصالح السويد وتقدم المتخصص كيم كالشتروم لتسديدها، لكن المهاجم المشاغب مسك الكرة ووضعها بنفسه على الموقع المخصص في منطقة الجزاء ليسددها وسط دهشة زملائه الذين رفضوا الاحتفال تعبيرا عن غضبهم بعدما احرز زلاتان هدفا من هذه الضربة.
وفي البطولة الاوروبية قدم المهاجم الشاب اداء رائعا وشكل ثنائيا متفاهما مع المخضرم هنريك لارسون، واحرز هدفا رائعا في مرمى المنتخب الايطالي عندما قفز عاليا في الهواء وغمز الكرة بكعب قدمه في المرمى، لكن المشوار السويدي انتهى في تلك البطولة عن طريق الضربات الترجيحية امام هولندا، وعاد زلاتان للتالق مجددا مع المنتخب السويدي في تصفيات كاس العالم 2006 مسجلا ثمانية اهداف حاسمة اهلت فريقه الى النهائيات، لكن الفريق خرج من الدور الثاني على يد المانيا دون ان يتمكن مهاجمه "زلاتان" من ترك بصمة له.
ويشتهر "زلاتان" بتصريحاته المثيرة للجدل التي لا تدل في بعض الاحيان على انه لاعب مثقف يحترم منافسيه، كما ان علاقته بالاعلام دائما متوترة دون وجود سبب معين لذلك، والامر اللافت هو انه لا يخشى احدا ويقول ما يدور في ذهنه فورا دون تفكير، وهو ما اوقعه في بعض المشاكل، كما انه عُرف بعدم جديته اثناء المقابلات واللقاءات الصحافية، ولا يمكن لاي صحافي ان يستدرجه ليقول ما يريد، واذا نجح في ذلك فقد يتعرض لوابل من التصريحات الغريبة والمؤذية في بعض الاحيان، ففي عام 2004 وبعد انتهاء احدى مباريات المنتخب السويدي الودية امام المنتخب الانجليزي، قام احد الصحافيين الانجليز بسؤال النجم السويدي قائلا: "زلاتان.. هناك بعض الخدوش والعلامات على وجهك ؟ ماذا حدث على ارض الملعب ؟" فاجابه زلاتان ببرود قاتل: "لا اعرف، عليك ان تسال زوجتك!!
ويعرف عن ابراهيموفيتش انه لا يحب الاسئلة التقليدية او التي يمكن التنبؤ باجابتها فورا، ففي احدى المرات قال له صحافي هولندي بعد خسارة اياكس في احدى مباريات الدوري: "هل من المعقول ان يخسر اياكس تسع نقاط في ثلاث مباريات؟" فاجابه مستغربا: "حسب ثقافتي في الرياضيات فانه من الممكن ان تخسر تسع نقاط في ثلاث مباريات !".
ولا يتوقف الامر عند ذلك فهو يكره اية اسئلة تتعلق بحياته الشخصية، وبعد شرائه لسيارة "بورش" حديثة قبل اربعة اعوام، انكر ذلك في لقاء صحافي قائلا: "لم اشتري سيارة "بورش" لقد اشتريت طائرة.. انها اسرع !"
اما اشهر تعليقات ابراهيموفيتش فقد كانت عندما ذكر المهاجم النرويجي العملاق جون كارو ان الحركات المهارية التي يقوم بها اللاعب السويدي غالبا ما تكون عديمة الفائدة، فرد زلاتان قائلا: "ما يفعله كارو بالكرة افعله انا بالبرتقالة!".
وينتمي النجم السويدي الى اسرة متعددة الديانات، فابوه "شفيق" مسلم، وامه الكرواتية الاصل "يوركا" مسيحية كاثوليكية، وهو يعتبر الملاكم الاميركي الشهير محمد علي كلاي قدوة له حيث يقول: "انا مثل علي، عندما كان يقول انه سينهي منافسه بضربة قاضية في الجولة الرابعة، كان يعني ذلك !"
وحل اللاعب السويدي الشاب في المركز الثامن على لائحة ترتيب افضل لاعبي العالم سنة 2005، واختير افضل لاعب سويدي ايضا، كما اختاره جمهور فريق "السيدة العجوز" كافضل لاعب في موسم 2004/2005، وهو شديد الثقة بنفسه.. وعندما سئل عن ما اذا كان هناك شيء قد يمنعه من ان يصبح افضل لاعب في العالم قال بلهجة الكبرياء السويدية: "الاصابة !"
وكثيرا ما يقارن اللاعب السويدي بنجم الكرة الهولندية في اواخر الثمانينات واوائل التسعينات ماركو فان باستن الذي لعب ايضا لمصلحة اياكس، وقام مدرب يوفنتوس السابق فابيو كابيللو بعرض بعض الاشرطة عن فان باستن امام نجمه السويدي الذي يقول: "انه امر يدعو للفخر ان تتم مقارني بلاعب مثل فان باستن، لكن علي القول ان كل لاعب له اسلوبه الخاص".
وكان زلاتان في صغره شديد الاعجاب بالمهاجم البرازيلي رونالدو وقال: "لطالما احببت رونالدو، انه لاعب متكامل يجيد التسجيل والتمرير والمراوغة، لكن مارادونا هو مثلي الاعلى في الملعب، انه افضل لاعب في تاريخ اللعبة"
اتمنى ان يكون الموضوع اعجبكم وفي انتظار ردودكم الحلوه